عَلَى الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ نِقْمَةٌ ؟ " وَهَذَا هُوَ تَكْرَارٌ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ بِزِيَادَةِ النِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ، وَالسُّؤَالُ قَائِمٌ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِمَا تَقْتَضِيهِ مُطَالَبَةُ السَّائِلِ بَيَانَ وَجْهِ الدَّلَالَةِ فِي مَنْعِ هَذَا الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَدْ جَعَلَ هَذَا الْحَرَامَ الَّذِي هُوَ نِقْمَةٌ وَهُوَ وَطْءُ الْحَائِضِ وَالْجَارِيَةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِمَنْزِلَةِ الْحَلَالِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ، فَانْتَقَضَ مَا ذَكَرَهُ وَادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ أَقَامَهَا عَلَيْهِ.
وَحَكَى عَنْ السَّائِلِ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ صَاحِبَنَا قَالَ : يُوجِدُكُمْ أَنَّ الْحَرَامَ يُحَرِّمُ الْحَلَالَ ؟ قَالَ :" قُلْت لَهُ : أَفِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ النِّسَاءِ ؟ " قَالَ : لَا، وَلَكِنْ فِي غَيْرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْمَشْرُوبِ وَالنِّسَاءِ قِيَاسٌ عَلَيْهِ، قَالَ :" قُلْت : أَفَتُجِيزُ لِغَيْرِك أَنْ يَجْعَلَ الصَّلَاةَ قِيَاسًا عَلَى النِّسَاءِ ؟ " قَالَ : أَمَّا فِي شَيْءٍ فَلَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا أَنْ يَقِيسَ تَحْرِيمَ الْحَرَامِ الْحَلَالَ مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ عَلَى النِّسَاءِ مَعَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بَدِيًّا أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُجِزْ قِيَاسَ الزِّنَا عَلَى الْوَطْءِ الْمُبَاحِ ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ وَهُوَ ضِدُّ الْحَلَالِ وَالْحَلَالُ نِعْمَةٌ وَالْحَرَامُ نِقْمَةٌ، مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فِي مَنْعِ الْقِيَاسِ مَقْصُورَةٌ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ غَيْرِهِنَّ، وَإِطْلَاقُهُ الِاعْتِلَالَ بِالْفَرْقِ الَّذِي ذُكِرَ يَلْزَمُهُ إجْرَاؤُهُ فِي سَائِرِ مَا وُجِدَ فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ نَاقَضَ.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : فَإِذَا جَازَ تَحْرِيمُ الْحَرَامِ الْحَلَالَ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ هَلَّا جَازَ مِثْلُهُ فِي النِّسَاءِ مَعَ كَوْنِ أَحَدِهِمَا ضِدًّا لِلْآخَرِ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا نِعْمَةً وَالْآخَرُ نِقْمَةً، كَمَا كَانَ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مِثْلَ الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ مَعَ كَوْنِ مِلْكِ الْيَمِينِ ضِدًّا لِلنِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِلْكَ


الصفحة التالية
Icon