امْرَأَتُهُ وَتَخْرُجُ مِنْ حِبَالِهِ كَمَا خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ ؟ وَيَلْزَمُ الشَّافِعِيَّ عَلَى هَذَا أَنْ لَا يُطْلِقَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْبُيُوعِ أَنَّهُ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُقُودِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهَا إنَّهَا غَيْرُ مُجْزِيَةٍ وَلَا مُوجِبَةٍ لِلْمِلْكِ ؛ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مَنْعٌ لِلْعِبَارَةِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ عَلَى الْمَعَانِي لَا عَلَى الْعِبَارَاتِ وَالْأَسَامِي.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ سَائِلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ صَاحِبَنَا قَالَ : الْمَاءُ حَلَالٌ وَالْخَمْرُ حَرَامٌ فَإِذَا صُبَّ الْمَاءُ فِي الْخَمْرِ حُرِّمَ الْمَاءُ.
قَالَ :" قُلْت لَهُ : أَرَأَيْت إنْ صَبَبْت الْمَاءَ فِي الْخَمْرِ أَمَّا يَكُونُ الْمَاءُ الْحَلَالُ مُسْتَهْلَكًا فِي الْحَرَامِ ؟ قَالَ : بَلَى، قُلْت : أَتَجِدُ الْمَرْأَةَ مُحَرَّمَةً عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا تَجِدُ الْخَمْرَ مُحَرَّمَةً عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ؟ قَالَ : لَا، قُلْت : أَتَجِدُ الْمَرْأَةَ وَبِنْتَهَا مُخْتَلِطَتَيْنِ كَاخْتِلَاطِ الْمَاءِ وَالْخَمْرِ ؟ قَالَ : لَا، قُلْت : أَفَتَجِدُ الْقَلِيلَ مِنْ الْخَمْرِ إذَا صُبَّ فِي كَثِيرِ الْمَاءِ نَجِسَ ؟ قَالَ : لَا، قُلْت : أَفَتَجِدُ قَلِيلَ الزِّنَا وَالْقُبْلَةَ وَاللَّمْسَ لِلشَّهْوَةِ لَا يَحْرُمُ وَيَحْرُمُ كَثِيرُهُ ؟ قَالَ : لَا، قَالَ : فَلَا يُشْبِهُ أَمْرُ النِّسَاءِ الْخَمْرَ وَالْمَاءَ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْفُرُوقِ، وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ لِلْمَاءِ يُحْكَى عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ حِينَ قَالَ :" الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ " وَهُوَ إلْزَامٌ صَحِيحٌ عَلَى مَنْ يَنْفِي التَّحْرِيمَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ لِوُجُودِهَا فِيهِ ؛ إذْ لَمْ تَكُنْ الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ تَحْرِيمِ الْحَرَامِ الْحَلَالَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُخْتَلِطَيْنِ وَأَنَّ قَلِيلَ الزِّنَا يَحْرُمُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عِلَّتُهُ أَنَّ الْحَرَامَ ضِدُّ الْحَلَالِ وَأَنَّ الْحَلَالَ نِعْمَةٌ وَالْحَرَامُ نِقْمَةٌ، وَلَمْ نَرَهُ احْتَجَّ بِغَيْرِهِ فِي جَمِيعِ مَا نَاظَرَ بِهِ السَّائِلُ، وَالْفُرُوقُ الَّتِي ذَكَرَهَا إنَّمَا هِيَ فُرُوقٌ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ


الصفحة التالية
Icon