قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ اللَّمْسَ لِشَهْوَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْجِمَاعِ فِي تَحْرِيمِ أُمِّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا، فَكُلُّ مَنْ حُرِّمَ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ أَوْجَبَهُ بِاللَّمْسِ إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ، وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ.
لَمْ يُوجِبْهُ بِاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ اللَّمْسَ الْمُبَاحَ فِي الزَّوْجَةِ وَمِلْكَ الْيَمِينِ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ إلَّا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّهُ قَالَ :" لَا تَحْرُمُ بِاللَّمْسِ وَإِنَّمَا تَحْرُمُ بِالْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ مِثْلُهُ الْحَدَّ "، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ قَدْ سَبَقَهُ الْإِجْمَاعُ بِخِلَافِهِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي النَّظَرِ هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا، فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا :" إذَا نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اللَّمْسِ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ، وَلَا يُحَرِّمُ النَّظَرُ لِلشَّهْوَةِ إلَى غَيْرِ الْفَرْجِ ".
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ :" إذَا نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا مُتَعَمِّدًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا " وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونَ لِشَهْوَةٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ :" إذَا نَظَرَ إلَى شَعْرِ جَارِيَتِهِ أَوْ صَدْرِهَا أَوْ سَاقِهَا أَوْ شَيْءٍ مِنْ مَحَاسِنِهَا تَلَذُّذًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا ".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ :" النَّظَرُ لَا يُحَرِّمُ مَا لَمْ يَلْمِسْ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : رَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا ﴾.
وَرَوَى حَمَّادٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :" لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى رَجُلٍ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا " وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ " أَنَّ عُمَرَ جَرَّدَ جَارِيَةً لَهُ، فَسَأَلَهُ إيَّاهَا بَعْضُ وَلَدِهِ، فَقَالَ : إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَك ".
وَرَوَى حَجَّاجٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ


الصفحة التالية
Icon