قَوْله تَعَالَى :﴿ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ : نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ زَيْدٍ وَنَزَلَتْ :﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ﴾ و ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾، قَالَ : وَكَانَ يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : حَلِيلَةُ الِابْنِ هِيَ زَوْجَتُهُ، وَيُقَالُ إنَّمَا سُمِّيَتْ حَلِيلَةً ؛ لِأَنَّهَا تَحُلُّ مَعَهُ فِي فِرَاشٍ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا الْجِمَاعُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَالْأَمَةُ إنْ اسْتَبَاحَ فَرْجَهَا بِالْمِلْكِ لَا تُسَمَّى حَلِيلَةً وَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ مَا لَمْ يَطَأْهَا، وَعَقْدُ نِكَاحِ الِابْنِ عَلَيْهَا يُحَرِّمُهَا عَلَى أَبِيهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَلِيلَةَ اسْمٌ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجَةِ دُونَ مِلْكِ الْيَمِينِ.
وَلَمَّا عُلِّقَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ بِالتَّسْمِيَةِ دُونَ ذِكْرِ الْوَطْءِ اقْتَضَى ذَلِكَ تَحْرِيمَهُنَّ بِالْعَقْدِ دُونَ شَرْطِ الْوَطْءِ ؛ لِأَنَّا لَوْ شَرَطْنَا الْوَطْءَ لَكَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ فِي النَّصِّ، وَمِثْلُهَا يُوجِبُ النَّسْخَ ؛ لِأَنَّهَا تُبِيحُ مَا حَظَرَتْهُ الْآيَةُ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وقَوْله تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾ قَدْ تَنَاوَلَ عِنْدَ الْجَمْعِ تَحْرِيمَ حَلِيلَةِ وَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى الْجَدِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ صُلْبِ الْجَدِّ ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْآيَةِ قَدْ اقْتَضَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ مَنْسُوبٌ إلَى الْجَدِّ بِالْوِلَادَةِ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي تَخْصِيصِهَا حَلِيلَةَ الِابْنِ مِنْ الصُّلْبِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ﴾ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ إبَاحَةِ تَزْوِيجِ حَلِيلَةِ الِابْنِ مِنْ جِهَةِ التَّبَنِّي.
وَقَوْلُهُ


الصفحة التالية
Icon