تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } يَقُولُ : وَمَا أَحَلَّ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ وَخَافُوا فِي النِّسَاءِ مِثْلَ الَّذِي خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِيهِنَّ.
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فَحَرَّجْتُمْ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا مِنْ الزِّنَا فَانْكِحُوا النِّسَاءَ نِكَاحًا طَيِّبًا مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ.
وَرُوِيَ فِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا رَوَى شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ :" كَانَ الرَّجُلُ مِنْ قَرْيَتِي تَكُونُ عِنْدَهُ النِّسْوَةُ وَيَكُونُ عِنْدَهُ الْأَيْتَامُ فَيَذْهَبُ مَالُهُ فَيَمِيلُ عَلَى مَالِ الْأَيْتَامِ، فَنَزَلَتْ :﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ﴾ الْآيَةَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الصَّغِيرَيْنِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ " لِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ مِنْ الْقَرَابَاتِ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، فَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَهُمْ الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ".
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ :" لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَيْنِ إلَّا الْعَصَبَاتُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ " ؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ :" وَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ " وَقَالَ مُحَمَّدٌ :" لَهُمَا الْخِيَارُ إذَا زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ ".
وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي تَزْوِيجِ الرَّجُلِ يَتِيمَهُ إذَا رَأَى لَهُ الْفَضْلَ وَالصَّلَاحَ وَالنَّظَرَ :" أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ عَلَيْهِ ".
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ :" إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيُزَوِّجُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَرِهَ الْأَوْلِيَاءُ، وَالْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الثَّيِّبَ إلَّا بِرِضَاهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ عَنْهَا الْخِيَارَ الَّذِي جُعِلَ لَهَا فِي نَفْسِهَا، وَيُزَوِّجُ الْوَصِيُّ بَنِيهِ الصِّغَارَ وَبَنَاتَهُ الصِّغَارَ