مِنْ تَزْوِيجِ الْأُخْتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ مَقْصُورًا عَلَى الْعِدَّةِ حَتَّى إذَا مَنَعْنَاهُ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا فَقَدْ جَعَلْنَاهُ فِي الْعِدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَزَوَّجَ أُخْتِهَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي الْعِدَّةِ ؟ وَكَذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ عَقْدِ نِكَاحٍ عَلَى الْأُخْتِ أَوْ لِزَوْجٍ آخَرَ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ : إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ وَاخْتِلَافُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْوِيلِهِ وَاحْتِمَالِهِ لِمَا قِيلَ فِيهِ.
وَقَالَ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ :﴿ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَحْتَمِلُ مِنْ الْمَعَانِي مَا احْتَمَلَهُ الْأَوَّلُ ؛ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِمَعْنًى آخَرَ لَا يَحْتَمِلُهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعُقُودَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْأُخْتَيْنِ لَا تَنْفَسِخُ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إحْدَاهُمَا ؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيِّ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :﴿ أَسْلَمْت وَعِنْدِي أُخْتَانِ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : طَلِّقْ إحْدَاهُمَا ﴾ وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ :﴿ طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْت ﴾، فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِمُفَارَقَتِهِمَا إنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِمُفَارَقَةِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى بَقَاءِ نِكَاحِهِ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ :" طَلِّقْ أَيَّتَهمَا شِئْت " وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا كَانَ صَحِيحًا قَبْلَ نُزُولِ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا مُقَرِّينَ عَلَى مَا


الصفحة التالية
Icon