بَعَثَ جَيْشًا إلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقُوا عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ وَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ فَأَصَابُوا مِنْهُمْ سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاجٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَحَرَّجُونَ مِنْ غَشَيَانِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ أَيْ هُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ }.
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ هَذَا رَجُلٌ جَلِيلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَرَوَى هُوَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَهُ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ السَّنَدِ قَدْ أَخْبَرَ فِيهِ بِسَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَأَنَّهَا فِي السَّبَايَا، وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ إذَا مُلِكْنَ حَلَّ وَطْؤُهُنَّ لِمَالِكِهِنَّ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ.
فَإِنْ قِيلَ : أَنْتُمْ لَا تَعْتَبِرُونَ السَّبَبَ وَإِنَّمَا تُرَاعُونَ حُكْمَ اللَّفْظِ إنْ كَانَ عَامًّا فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ الْخُصُوصِ فَهَلَّا اعْتَبَرْت ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجَعَلْتهَا عَلَى الْعُمُومِ فِي سَائِرِ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ مِنْ النِّسَاءِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ فَيَنْتَظِمُ السَّبَايَا وَغَيْرُهُنَّ قِيلَ لَهُ : الدَّلَالَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْآيَةِ عَلَى خُصُوصِهَا فِي السِّبَابَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾، فَلَوْ كَانَ حُدُوثُ الْمِلْكِ مُوجِبًا لِإِيقَاعِ الْفُرْقَةِ لَوَجَبَ أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إذَا اشْتَرَتْهَا امْرَأَةٌ أَوْ أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ لِحُدُوثِ الْمِلْكِ.
فَإِنْ قِيلَ : جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ مَا طَرَأَ عَلَيْهِنَّ الْمِلْكُ، سَوَاءٌ كَانَ حُدُوثُ الْمِلْكِ سَبَبًا لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ تَمْلِكَهَا امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا قِيلَ لَهُ : فَشَأْنُ الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ حَدَثَ لَهُ مِلْكُ الْيَمِينِ فَأَبَاحَتْ لَهُ