قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَهَبْت نَفْسِي لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَا لِي بِالنِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : زَوِّجْنِيهَا فَقَالَ : هَلْ عِنْدَك مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إيَّاهُ ؟ فَقَالَ : إزَارِي هَذَا.
فَقَالَ : إنْ أَعْطَيْتهَا إزَارَك جَلَسْت وَلَا إزَارَ لَك، إلَى أَنْ قَالَ : الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ؛ ﴾
فَأَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَخَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ لَا يُسَاوِي عَشَرَةً.
وَالْجَوَابُ عَنْ إجَازَتِهِ النِّكَاحَ عَلَى نَعْلَيْنِ أَنَّ النَّعْلَيْنِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تُسَاوِيَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَعْلَيْنِ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهَا عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ بِعُمُومِ لَفْظٍ فِي إبَاحَةِ التَّزْوِيجِ عَلَى نَعْلَيْنِ أَيُّ نَعْلَيْنِ كَانَتَا، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْمُخَالِفِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِجَوَازِ النِّكَاحِ، وَجَوَازُ النِّكَاحِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَهْرُ لَا غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ لَكَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا ؛ وَلَمْ يَدُلَّ جَوَازُ النِّكَاحِ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهَا، كَذَلِكَ جَوَازُ النِّكَاحِ عَلَى نَعْلَيْنِ قِيمَتُهُمَا أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُمَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ مَنْ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِكَفِّ دَقِيقٍ فَقَدْ اسْتَحَلَّ ﴾ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ مِلْكِ الْبُضْعِ، لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُ.
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي تَزَوُّجِهِ عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ قِيمَتَهَا كَانَتْ خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ الْعَلَائِقُ مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ ﴾ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي


الصفحة التالية
Icon