وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ :" إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَلَهَا خِدْمَتُهُ سَنَةً " وَقَالَ مُحَمَّدٌ :" لَهَا قِيمَةُ خِدْمَتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا ".
وَقَالَ مَالِكٌ :" إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَهَا نَفْسَهُ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَيَكُونُ ذَلِكَ صَدَاقَهَا فَإِنَّهُ يَفْسَخُ النِّكَاحَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ ".
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحِجَّهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِ حَجِّهَا مِنْ الْحِمْلَانِ وَالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ ".
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ :" النِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى خِدْمَتِهِ إذَا كَانَ وَقْتًا مَعْلُومًا ".
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ :" إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَهْرًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا " وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ ؛ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" يَكُونُ ذَلِكَ مَهْرًا لَهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ إنْ كَانَ قَدْ عَلَّمَهَا " وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُزَنِيّ وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ﴾ قَدْ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الْبُضْعِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ﴾ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : تَمْلِيكُ الْمَالِ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ، وَالْآخَرُ : تَسْلِيمُهُ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ الَّذِي يَمْلِكُ بِهِ الْبُضْعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا أَوْ مَنَافِعَ فِي مَالٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا تَسْلِيمُهُ إلَيْهَا ؛ إذْ كَانَ قَوْلُهُ :﴿ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ﴾ يَشْتَمِلَ عَلَيْهِمَا