وَالتَّعْلِيمُ لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ : أَنِّي زَوَّجْتُك تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ وَلِأَجْلِ مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ ؛ وَهُوَ كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ : إنِّي آمَنْت بِهَذَا الرَّجُلِ وَشَهِدْت أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ تَابَعْتنِي تَزَوَّجْتُك، قَالَ : فَأَنَا عَلَى مَا أَنْتِ عَلَيْهِ ؛ فَتَزَوَّجَتْهُ، فَكَانَ صَدَاقُهَا الْإِسْلَامَ.
وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْهُ لِأَجْلِ إسْلَامِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكُونُ صَدَاقًا لِأَحَدٍ فِي الْحَقِيقَةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ فَإِنَّهُ ضَعِيفُ السَّنَدِ، وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَالَ :" عَلِّمْهَا " وَلَمْ يُعَارَضْ بِحَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ مَهْرًا لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِتَعْلِيمِهَا الْقُرْآنَ وَيَكُونُ الْمَهْرُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ : إنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ مَهْرٌ لَهَا.
فَإِنْ قِيلَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ﴾ فَجَعَلَ مَنَافِعَ الْحُرِّ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ.
قِيلَ لَهُ : لَمْ يَشْرِطْ الْمَنَافِعَ لِلْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا شَرَطَهَا لِشُعَيْبٍ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا شُرِطَ لِلْأَبِ لَا يَكُونُ مَهْرًا، فَالِاحْتِجَاجُ بِهِ بَاطِلٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ مَشْرُوطَةً لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا أَضَافَهَا إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِلْعَقْدِ، أَوْ لِأَنَّ مَالَ الْوَلَدِ مَنْسُوبٌ إلَى الْوَالِدِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك ﴾ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ الشِّغَارِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ