فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَانْتَهُوا عَنْ نِكَاحِ هَذِهِ النِّسَاءِ، لَا أُوتَى بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إلَى أَجَلٍ إلَّا رَجَمْته " فَذَكَرَ عُمَرُ الرَّجْمَ فِي الْمُتْعَةِ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهَا.
وَقَالَ : وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ :" رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى رَحِمَ اللَّهُ بِهَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْلَا نَهْيُهُ لَمَا احْتَاجَ إلَى الزِّنَا إلَّا شَقًى ".
فَاَلَّذِي حُصِّلَ مِنْ أَقَاوِيلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ الْمُتْعَةُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَهَا بِضَرُورَةٍ وَلَا غَيْرِهَا.
وَالثَّانِي : أَنَّهَا كَالْمَيْتَةِ تَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ.
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ ؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ سَنَدِهِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ إبَاحَتِهَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْر بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ : أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَهُ : أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ : كُنْت فِي سَفَرٍ وَمَعِي جَارِيَةٌ لِي وَلِي أَصْحَابٌ فَأَحْلَلْت جَارِيَتِي لِأَصْحَابِي يَسْتَمْتِعُونَ مِنْهَا ؟ فَقَالَ :" ذَاكَ السِّفَاحُ " فَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ مَنْ احْتَجَّ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ وَأَنَّ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ :" إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْأَجَلِ فِي التِّلَاوَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَالْأَجَلُ إذًا غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْقُرْآنِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَجَلِ لَمَا دَلَّ أَيْضًا عَلَى مُتْعَةِ النِّسَاءِ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا عَلَى الْمَهْرِ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ :


الصفحة التالية
Icon