وَلَيْسَ فِي إسْقَاطِ الشَّرْطِ وَإِلْزَامِهِمَا مَعْنًى غَيْرَهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ ؛ فَدَلَّتْ الْآيَةُ وَالسُّنَّةُ مَعًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُخَالِفِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : اقْتِضَاءُ عُمُومِهِمَا لِإِيجَابِ الْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ وَالشَّرْطِ، وَالْآخَرُ : مَا انْتَظَمْنَا مِنْ امْتِنَاعِ إلْزَامِ عَقْدٍ أَوْ شَرْطٍ غَيْرِ مَا عَقَدَاهُ ؛ وَلَمَّا بَطَلَ إلْزَامُهُمَا الْهِبَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَصَحَّ التَّمْلِيكُ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مُلِكَتْ مِنْ جِهَةِ الزِّيَادَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَجْعَلَهَا هِبَةً، أَنَّهَا مَتَى كَانَتْ زِيَادَةً كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الْبُضْعِ، وَإِذَا كَانَتْ هِبَةً لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً عَلَيْهَا، وَإِذَا كَانَتْ زِيَادَةً سَقَطَتْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِذَا كَانَتْ هِبَةً لَمْ يُؤَثِّرْ الطَّلَاقُ فِيهَا، وَإِذَا دَخَلَا فِيهَا عَلَى عَقْدٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ لَمْ يَجُزْ لَنَا إلْزَامُهُمَا.
عَقْدًا لَا ضَمَانَ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا إذَا تَعَاقَدَا عَقْدَ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ إلْزَامُهُمَا عَقْدَ هِبَةٍ وَلَوْ تَعَاقَدَا عَقْدَ إقَالَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُمَا عَقْدُ بَيْعٍ مُسْتَقْبَلٍ ؟ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ الْهِبَةِ بِعَقْدِ الزِّيَادَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ هِبَةً وَقَدْ صَحَّ التَّمْلِيكُ كَانَتْ زِيَادَةً لَاحِقَةً بِالْعَقْدِ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ مَعَ التَّسْمِيَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي جَعْلِهِ إيَّاهَا هِبَةً، ثُمَّ قَوْلِهِ :" إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ إلَيْهِ نِصْفُ الزِّيَادَةِ " فَإِنَّهُ قَوْلٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِبَةً فَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَا بِالْمَهْرِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلطَّلَاقِ فِي رُجُوعِ شَيْءٍ مِنْهَا إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ بُطْلَانُهَا بِالْمَوْتِ.
وَإِنَّمَا قَالَ أَصْحَابُنَا :" إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ كُلُّهَا " مِنْ قِبَلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي


الصفحة التالية
Icon