نِكَاحَهَا.
وَالطَّوْلُ يَحْتَمِلُ الْغِنَى وَالْقُدْرَةَ وَيَحْتَمِلُ الْفَضْلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ﴾، قِيلَ فِيهِ : ذُو الْفَضْلِ، وَقِيلَ : ذُو الْقُدْرَةِ ؛ وَالْفَضْلُ وَالْغِنَى يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى فَاحْتَمَلَ الطَّوْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ الْغِنَى وَالْقُدْرَةَ، وَاحْتَمَلَ الْفَضْلَ وَالسَّعَةَ.
فَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ الْغِنَى احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : حُصُولُ الْغِنَى لَهُ بِكَوْنِ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ، وَالثَّانِي : غِنَى الْمَالِ وَقُدْرَتُهُ عَلَى تَزَوُّجِ حُرَّةٍ.
وَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ الْفَضْلَ احْتَمَلَ إرَادَةَ الْغِنَى ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ يُوجِبُ ذَلِكَ، وَالثَّانِي : اتِّسَاعُ قَلْبِهِ لِتَزَوُّجِ الْحُرَّةِ وَالِانْصِرَافِ عَنْ الْأَمَةِ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَّسِعْ قَلْبُهُ لِذَلِكَ وَخَشِيَ الْإِقْدَامَ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مَحْظُورٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تَحْتَمِلُهَا الْآيَةُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَمَكْحُولٍ :" لَا يَتَزَوَّجْ الْأَمَةَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ طَوْلًا إلَى الْحُرَّةِ ".
وَرُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ قَالَا :" نِكَاحُ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَا يَحِلُّ إلَّا لِمُضْطَرٍّ ".
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رِوَايَةٌ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ رِوَايَةٌ وَالزُّهْرِيِّ قَالُوا :" يَنْكِحُ الْأَمَةَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ".
وَعَنْ عَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ :" أَنَّهُ إنْ خَشِيَ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا تَزَوَّجَهَا ".
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ :" أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ ".
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :" لَا يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ إلَّا الْمَمْلُوكُ ".
وَقَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَكْحُولٌ فِي آخَرِينَ :" لَا يَتَزَوَّجُ