أَبَاحَتْهُ الْآيَةُ مِنْ الْعَدَدِ أَرْبَعٌ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا.
وَهَذَا الْعَدَدُ إنَّمَا هُوَ لِلْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ :" لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا ".
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ ﴾ إنَّمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْأَحْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ لِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَأَنَّ الْمَوْلَى أَمْلَكُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ زَوَّجَهُ وَهُوَ كَارِهٌ لَجَازَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَزَوَّجَ هُوَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهُ ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ ﴾، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ﴾ فَلَمَّا كَانَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْآيَةِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ فِي الْأَحْرَارِ.
وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ لِلرِّقِّ تَأْثِيرًا فِي نُقْصَانِ حُقُوقِ النِّكَاحِ الْمُقَدَّرَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَدَدُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ النِّصْفُ مِمَّا لِلْحُرِّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا اثْنَتَيْنِ، وَلَا يُرْوَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ خِلَافُهُ فِيمَا نَعْلَمُهُ.
وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ :" يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ اثْنَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ ".
وَرَوَى الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ :" أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ امْرَأَتَيْنِ ".
وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ


الصفحة التالية
Icon