الْبَيْعُ، فَحِينَئِذٍ يَكُونَانِ مَنْدُوبَيْنِ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِقْرَارِ دُونَ التَّبَايُعِ ؛ وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ فِي كُلِّ بَيْعٍ وَتَمَّ الْبَيْعُ عَلَى حَسَبِ مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مُخَالِفُونَا لَمْ يَبْقَ لِلْآيَةِ مَوْضِعٌ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ حُكْمُهَا عَلَى حَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَمُوجِبِهَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ عَدَمِ الرِّضَى بِالْبَيْعِ لِيَرْتَئِيَ فِي إبْرَامِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ، فَإِذَا تَعَاقَدَا عَقْدَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَاضٍ بِتَمْلِيكِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ لَصَاحِبِهِ، فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ فِيهِ مَعَ وُجُودِ الرِّضَى بِهِ، وَوُجُودُ الرِّضَى مَانِعٌ مِنْ الْخِيَارِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُثْبِتِينَ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَصَاحِبِهِ " اخْتَرْ " فَاخْتَارَهُ وَرَضِيَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِخِيَارِهِمَا ؟ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ رِضَاهُمَا بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَالرِّضَى مَوْجُودٌ مِنْهُمَا بِنَفْسِ الْمُعَاقَدَةِ، فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى رِضًى ثَانٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ بَعْدَ رِضَاهُمَا بِهِ بَدِيًّا بِالْعَقْدِ رِضًى آخَرُ لَجَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ رِضًى ثَانٍ وَثَالِثٌ، وَكَانَ لَا يَمْنَعُ رِضَاهُمَا بِهِ مِنْ إثْبَاتِ خِيَارٍ ثَالِثٍ وَرَابِعٍ، فَلَمَّا بَطَلَ هَذَا صَحَّ أَنَّ رِضَاهُمَا بِالْبَيْعِ هُوَ إبْطَالٌ لِلْخِيَارِ وَإِتْمَامٌ لِلْبَيْعِ.
وَإِنَّمَا صَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ رِضًى بِإِخْرَاجِ شَيْئِهِ مِنْ مِلْكِهِ حِينَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ الْخِيَارَ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جَازَ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ : فَأَنْتَ قَدْ أَثْبَتَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارَ الْعَيْبِ مَعَ وُجُودِ الرِّضَى بِالْبَيْعِ، وَلَمْ يَمْنَعْ رِضَاهُمَا مِنْ إثْبَاتِ الْخِيَارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَكَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ رِضَاهُمَا بِهِ مِنْ إثْبَاتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ مِنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي شَيْءٍ