أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ يَنْفِي خِيَارَ الْبَائِعِ لِأَنَّ مَا لِلْبَائِعِ فِيهِ خِيَارٌ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَلَهُ ثَمَرَةٌ فَثَمَرَتُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ﴾، فَجَعَلَ الثَّمَرَةَ وَمَالَ الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي بِالشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّفْرِيقِ، وَمُحَالٌ أَنْ يَمْلِكَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ مِلْكِ الْأَصْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ :﴿ لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيَعْتِقَهُ ؛ ﴾ وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عِتْقٍ بَعْدَ الشِّرَى، وَأَنَّهُ مَتَى صَحَّ لَهُ الْمِلْكُ عَتَقَ عَلَيْهِ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَبَ عِتْقَهُ بِالشِّرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْفُرْقَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْمَجْلِسَ قَدْ يَطُولُ وَيَقْصُرُ، فَلَوْ عَلَّقْنَا وُقُوعَ الْمِلْكِ عَلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَأَوْجَبَ بُطْلَانَهُ لِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْخِيَارِ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْمِلْكِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بَيْعًا بَاتًّا وَشَرَطَا الْخِيَارَ لَهُمَا بِمِقْدَارِ قُعُودِ فُلَانٍ فِي مَجْلِسِهِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا لِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْخِيَارِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْعَقْدِ ؟ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي بَرْزَةَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا ﴾.
وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :{ إذَا تَبَايَعَ الْمُتَبَايِعَانِ