الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ }.
وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ مِنْ الْأَصْلِ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ مَوَالِي الْمُعَاقَدَةِ، فَنَسَخَ مِيرَاثَهُمْ فِي حَالِ وُجُودِ الْقَرَابَاتِ وَهُوَ بَاقٍ لَهُمْ إذَا فَقَدَ الْأَقْرِبَاءَ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِيرَاثِ مَوَالِي الْمُوَالَاةِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ :" مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ وَعَاقَدَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَمِيرَاثُهُ لَهُ ".
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ :" مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ ".
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ :" إذَا جَاءَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِمَنْ وَالَاهُ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ".
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ :" مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَقَدْ وَالَاهُ وَمِيرَاثُهُ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ إذَا لَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَهُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْآيَةُ تُوجِبُ الْمِيرَاثَ لِلَّذِي وَالَاهُ وَعَاقَدَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حُكْمًا ثَابِتًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَحَكَمَ اللَّهُ بِهِ فِي نَصِّ التَّنْزِيلِ، ثُمَّ قَالَ :﴿ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ﴾ فَجَعَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ الْمُعَاقِدِينَ الْمَوَالِي، فَمَتَى فُقِدَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَجَبَ مِيرَاثُهُمْ بِقَضِيَّةِ الْآيَةِ ؛ إذْ كَانَتْ إنَّمَا نَقَلَتْ مَا كَانَ لَهُمْ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا وُجِدُوا، فَإِذَا لَمْ يُوجَدُوا فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ مَا يُوجِبُ نَسْخَهَا، فَهِيَ ثَابِتَةُ الْحُكْمِ مُسْتَعْمَلَةٌ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ فَقْدِ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
وَقَدْ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ


الصفحة التالية
Icon