عَلَيْهِنَّ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ لِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ الرَّجُلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ وَبِمَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا.
فَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى مَعَانٍ : أَحَدِهَا : تَفْضِيلُ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْمَنْزِلَةِ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ إمْسَاكَهَا فِي بَيْتِهِ وَمَنْعِهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُولَ أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةٌ.
وَدَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ :﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ :﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ وقَوْله تَعَالَى :﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ﴾، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ وَلَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ مُنْتَظِمٌ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِمَّا يَلْزَمُ الزَّوْجَ لَهَا.
قَوْله تَعَالَى :﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي النِّسَاءِ الصَّالِحَةَ ؛ وَقَوْلُهُ :﴿ قَانِتَاتٌ ﴾، رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ :" مُطِيعَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَزْوَاجِهِنَّ " وَأَصْلُ الْقُنُوتِ مُدَاوَمَةُ الطَّاعَةِ، وَمِنْهُ الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ لِطُولِ الْقِيَامِ.
وَقَوْلُهُ :﴿ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾، قَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ :" حَافِظَاتٌ لِمَا غَابَ عَنْهُ أَزْوَاجُهُنَّ مِنْ مَالِهِ وَمَا يَجِبُ مِنْ رِعَايَةِ حَالِهِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ صِيَانَةِ نَفْسِهَا لَهُ ".
قَالَ عَطَاءٌ فِي قَوْلِهِ :﴿ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ :" أَيْ بِمَا حَفِظَهُنَّ اللَّهُ فِي مُهُورِهِنَّ وَإِلْزَامِ الزَّوْجِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهِنَّ ".
وَقَالَ آخَرُونَ :﴿ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ :" إنَّهُنَّ إنَّمَا صِرْنَ صَالِحَاتٍ قَانِتَاتٍ حَافِظَاتٍ بِحِفْظِ اللَّهِ إيَّاهُنَّ مِنْ مَعَاصِيهِ وَتَوْفِيقِهِ وَمَا


الصفحة التالية
Icon