وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَبِذِي الْقُرْبَى ﴾ أَمْرٌ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْإِحْسَانِ إلَى الْقَرَابَةِ، عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْأَرْحَامَ ﴾، فَبَدَأَ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْآيَةِ بِتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ ؛ إذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بِهِ يَصِحُّ سَائِرُ الشَّرَائِعِ وَالنُّبُوَّاتِ وَبِحُصُولِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى سَائِرِ مَصَالِحِ الدِّينِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَا يَجِبُ لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا وَقَضَاءِ حُقُوقِهِمَا وَتَعْظِيمِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْجَارَ ذَا الْقُرْبَى وَهُوَ قَرِيبُك الْمُؤْمِنُ الَّذِي لَهُ حَقُّ الْقَرَابَةِ وَأَوْجَبَ لَهُ الدِّينُ الْمُوَالَاةَ وَالنُّصْرَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْجَارَ الْجُنُبَ وَهُوَ الْبَعِيدُ مِنْكَ نَسَبًا إذَا كَانَ مُؤْمِنًا فَيَجْتَمِعُ حَقُّ الْجِوَارِ وَمَا أَوْجَبَهُ لَهُ الدِّينُ بِعِصْمَةِ الْمِلَّةِ وَذِمَّةِ عَقْدِ النِّحْلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ قَالُوا :" الْجَارُ ذُو الْقُرْبَى الْقَرِيبُ فِي النَّسَبِ ".
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ﴿ : الْجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ : فَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ : حَقُّ الْجِوَارِ، وَحَقُّ الْقَرَابَةِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ، وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ، وَجَارٌ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ : الْمُشْرِكُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾.