قَوْله تَعَالَى :﴿ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا ﴾ قِيلَ فِيهِ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجَدِّدُ لَهُمْ جُلُودًا غَيْرَ الْجُلُودِ الَّتِي احْتَرَقَتْ ؛ وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ الْجِلْدَ لَيْسَ بَعْضَ الْإِنْسَانِ، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالْعَظْمُ، وَإِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ الرُّوحُ اللَّابِسُ لِهَذَا الْبَدَنِ.
وَمَنْ قَالَ إنَّ الْجِلْدَ هُوَ بَعْضُ الْإِنْسَانِ وَإِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الشَّخْصِ بِكَمَالِهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْجُلُودَ تُجَدَّدُ بِأَنْ تُرَدُّ إلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا غَيْرَ مُحْتَرِقَةٍ، كَمَا يُقَالُ لِخَاتِمٍ كُسِرَ ثُمَّ صِيغَ خَاتَمٌ آخَرُ : هَذَا الْخَاتِمُ غَيْرُ ذَاكَ الْخَاتَمِ، وَكَمَا يُقَالُ لِمَنْ قَطَعَ قَمِيصَهُ قَبَاءً : هَذَا اللِّبَاسُ غَيْرُ ذَاكَ اللِّبَاسِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : التَّبْدِيلُ إنَّمَا هُوَ لِلسَّرَابِيلِ الَّتِي قَدْ أُلْبِسُوهَا ؛ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ السَّرَابِيلَ لَا تُسَمَّى جُلُودًا ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.