فَلْيُوَقَّفْ وَلْيُعَرَّفْ بِمَا اسْتَرَدَّ ثُمَّ لِيُدْفَعْ إلَيْهِ مَا وَهَبَ.
} وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مَجْمَعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" ﴿ الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا ﴾.
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ يَهَبُ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا.
إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ ﴾ وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : صِحَّةُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَالْآخَرِ : كَرَاهَتُهُ وَأَنَّهُ مِنْ لُؤْمِ الْأَخْلَاقِ وَدَنَاءَتِهَا فِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الرَّاجِعَ فِي الْهِبَةِ بِالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ.
وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالْكَلْبِ إذَا عَادَ فِي قَيْئِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَى الْكَلْبِ، فَمَا شَبَّهَهُ بِهِ فَهُوَ مِثْلُهُ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لَا يَصِحُّ بِحَالٍ لَمَا شَبَّهَ الرَّاجِعُ بِالْكَلْبِ الْعَائِدِ فِي الْقَيْءِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَشْبِيهُ مَا لَا يَقَعُ بِحَالٍ بِمَا قَدْ صَحَّ وُجُودُهُ.
وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مَعَ اسْتِقْبَاحِ هَذَا الْفِعْلِ وَكَرَاهَتِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ ذَلِكَ فِي رَدِّ السَّلَامِ، مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ :" السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَرَدُّهُ فَرِيضَةٌ " وَذَكَرَ الْآيَةَ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ فِي.