الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى أَبِيهَا فِي الْعَفْوِ عَنْ زَوْجِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ أَوْلِيَائِهَا ذَلِكَ " قَالَ :" وَبَيْعُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ دَارَهَا وَخَادِمَهَا جَائِزٌ وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ إذَا أَصَابَتْ وَجْهَ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مُحَابَاةٌ كَانَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا، وَإِنْ تَصَدَّقَتْ أَوْ وَهَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ " قَالَ مَالِكٌ :" وَالْمَرْأَةُ الْأَيِّمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فِي مَالِهَا كَالرَّجُلِ فِي مَالِهِ سَوَاءٌ ".
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" لَا تَجُوزُ عَطِيَّةُ الْمَرْأَةِ حَتَّى تَلِدَ وَتَكُونَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا سَنَةً ".
وَقَالَ اللَّيْثُ :" لَا يَجُوزُ عِتْقُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَلَا صَدَقَتُهَا إلَّا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْآيَةُ قَاضِيَةٌ بِفَسَادِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ شَاهِدَةٌ بِصِحَّةِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا الَّذِي قَدَّمْنَا، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَلَا بَيْنَ مَنْ أَقَامَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا سَنَةً أَوْ لَمْ تُقِمْ، وَغَيْرُ جَائِزٍ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِدَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ حُكْمِ الْآيَةِ فِي الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ ؛ وَأَجَازَ مَالِكٌ هِبَةَ الْأَبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَنَا بِإِعْطَائِهَا جَمِيعَ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ تَهَبْ هِيَ شَيْئًا مِنْهُ لَهُ، فَالْآيَةُ قَاضِيَةٌ بِبُطْلَانِ هِبَةِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِيتَاءِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ تَطِيبَ نَفْسُهَا بِتَرْكِهِ، وَلَمْ يَشْرُطْ اللَّهُ تَعَالَى طِيبَةَ نَفْسِ الْأَبِ، فَمَنَعَ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ بِطِيبَةِ نَفْسِهَا مِنْ مَهْرِهَا وَأَجَازَ مَا حَظَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَنْعِ شَيْءٍ مِنْ مَهْرِهَا إلَّا بِطِيبَةِ نَفْسِهَا بِهِبَةِ الْأَبِ.
وَهَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْآيَةِ