النَّاقِصُ الْعَقْلِ سَفِيهًا لِخِفَّةِ عَقْلِهِ ؛ وَلَيْسَ السَّفَهُ فِي هَؤُلَاءِ صِفَةَ ذَمٍّ وَلَا يُفِيدُ مَعْنَى الْعِصْيَانِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا سُمُّوا سُفَهَاءَ لِخِفَّةِ عُقُولِهِمْ وَنُقْصَانِ تَمْيِيزِهِمْ عَنْ الْقِيَامِ بِحِفْظِ الْمَالِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَا خِلَافَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ نَهَبَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ الْمَالَ، وَقَدْ أَرَادَ بَشِيرٌ أَنْ يَهَبَ لِابْنِهِ النُّعْمَانِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ إلَّا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ سَائِرَ بَنِيهِ مِثْلَهُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى مَنْعِ إعْطَاءِ السُّفَهَاءِ أَمْوَالَنَا ؟ قِيلَ لَهُ : لَيْسَ الْمَعْنَى فِيهِ التَّمْلِيكَ وَهِبَةَ الْمَالِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِيهِ أَنْ نَجْعَلَ الْأَمْوَالَ فِي أَيْدِيهِمْ وَهُمْ غَيْرُ مُضْطَلِعِينَ بِحِفْظِهَا، وَجَائِزٌ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَهَبَ الصَّغِيرَ وَالْمَرْأَةَ كَمَا يَهَبُ الْكَبِيرَ الْعَاقِلَ وَلَكِنَّهُ يَقْبِضُهُ لَهُ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَلَا يُضَيِّعُهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْآيَةِ أَنْ نَجْعَلَ أَمْوَالَنَا فِي أَيْدِي الصِّغَارِ وَالنِّسَاءِ الَّتِي لَا يَكْمُلْنَ بِحِفْظِهَا وَتَدْبِيرِهَا.