أَنَّهُ إذَا عَمِلَ لِلْيَتِيمِ فِي إبِلِهِ شَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا، وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ يَقْضِي، وَالثَّالِثَةُ : لَا يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ يَقُوتُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى مَالِ الْيَتِيمِ، وَالرَّابِعَةُ : أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
وَاَلَّذِي نَعْرِفُهُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ قَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَلَا يُقْرِضُهُ غَيْرَهُ أَيْضًا.
وَقَدْ رَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ : أَمَّا نَحْنُ فَلَا نُحِبُّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا قَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :" لَا يَأْكُلُ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ قَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ "، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَأْخُذُ قَرْضًا إذَا احْتَاجَ ثُمَّ يَقْضِيهِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَمَنْ تَابَعَهُ.
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ :" أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُقِيمًا، فَإِنْ خَرَجَ لِتَقَاضِي دَيْنٍ لَهُمْ أَوْ إلَى ضِيَاعٍ لَهُمْ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ وَيَكْتَسِيَ وَيَرْكَبَ، فَإِذَا رَجَعَ رَدَّ الثِّيَابَ وَالدَّابَّةَ إلَى الْيَتِيمِ " قَالَ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : جَعَلَ أَبُو يُوسُفَ الْوَصِيَّ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَالْمُضَارِبِ فِي جَوَازِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ فِي السَّفَرِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ :" وَمَنْ كَانَ لَهُ يَتِيمٌ فَخَلَطَ نَفَقَتَهُ بِمَالِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يُصِيبُ الْيَتِيمَ أَكْثَرَ مِمَّا يُصِيبُ وَلِيَّهُ مِنْ نَفَقَتِهِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ لِلْيَتِيمِ فَلَا يَخْلِطُهُ " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْغَنِيِّ