أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } وَتَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ مَالِ الْيَتِيمِ قَرْضًا أَوْ غَيْرَ قَرْضٍ مُخَالِفٌ لِمَعْنَى الْمُحْكَمِ، وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّهُ إلَى الْمُحْكَمِ وَحَمَلَهُ عَلَى مَعْنَاهُ فَهُوَ أَوْلَى.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ : قَوْله تَعَالَى ﴿ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ مَنْسُوخٌ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عَطِيَّةَ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا :﴿ إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ﴾.
وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ.
وَرَوَى عِيسَى بْنُ عُبَيْدِ الْكِنْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْن مُزَاحِمٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ﴾ فَإِنْ قِيلَ : رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ﴿ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَيْسَ لِي مَالٌ وَلِي يَتِيمٌ ؟ فَقَالَ : كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِك غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُتَأَثِّلٍ مَالَك بِمَالِهِ ﴾ وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعَوْفِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ يَأْكُلُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مِنْهُ مَالًا ﴾.
قِيلَ لَهُ : غَيْرُ جَائِزٍ الِاعْتِرَاضُ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآيِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحَظْرِ مَالِ الْيَتِيمِ ؛ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ، وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِقْدَارَ رِبْحِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ نَحْوُ ذَلِكَ.
فَإِنْ