، وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ ﴿ وَقُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الرِّزْقَ لَيْسَ بِأُجْرَةٍ.
وَيَدُلُّك عَلَى هَذَا أَنَّهُ قَدْ تَجِبُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَيْتَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ الْحُقُوقُ وَلَا يَأْخُذُونَهَا بَدَلًا مِنْ شَيْءٍ، فَأَخْذُ الْأُجْرَةِ لِلْقَاضِي وَلِمَنْ قَامَ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَقَدْ مُنِعَ الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ.
وَسُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْله تَعَالَى :﴿ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ أَهْوَ الرِّشَا ؟ قَالَ :" لَا، ذَاكَ كُفْرٌ إنَّمَا هُوَ هَدَايَا الْعُمَّالِ " ؛ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ.
﴾ فَالْقَاضِي مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْقَضَاءِ وَمَحْظُورٌ عَلَيْهِ قَبُولُ الْهَدَايَا ؛ وَتَأَوَّلَهَا السَّلَفُ عَلَى أَنَّهَا السُّحْتُ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.