مُضَمَّنَةٌ بِالْإِشْهَادِ وَإِنْ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِيهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهِ وَإِمْسَاكِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ حَتَّى يُوصِلَهُ إلَى الْيَتِيمِ فِي وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَدَائِعِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُصَدَّقًا عَلَى الرَّدِّ كَمَا يُصَدَّقُ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ أَنَّ الْيَتِيمَ لَوْ صَدَّقَهُ عَلَى الْهَلَاكِ لَمْ يُضَمِّنْهُ، كَمَا أَنَّ الْمُودِعَ إذَا صَدَّقَ الْمُودَعَ فِي هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُضَمِّنْهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ :" إنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ الْأَيْتَامُ لَمْ يُصَدَّقُوا ".
فَقَوْلٌ ظَاهِرُ الِاخْتِلَالِ بَعِيدٌ مِنْ مَعَانِي الْفِقْهِ مُنْتَقَضٌ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ عِلَّةً لِنَفْيِ التَّصْدِيقِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يُصَدَّقَ الْقَاضِي إذَا قَالَ لِلْيَتِيمِ : قَدْ دَفَعْته إلَيْك ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ.
وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْأَبِ إذَا قَالَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ :" قَدْ دَفَعْت إلَيْك مَالَك " أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِمْ الضَّمَانَ إذَا تَصَادَقُوا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ مَالَهُ مِنْ غَيْرِ ائْتِمَانٍ لَهُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا تَشْبِيهُهُ إيَّاهُ بِالْوَكِيلِ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ فَتَشْبِيهٌ بَعِيدٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ الْوَصِيُّ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُصَدَّقٌ أَيْضًا فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ وَدَفْعِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، فَأَمَّا فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ كَمَا صَدَّقْنَا الْوَصِيَّ عَلَى الرَّدِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَصِيَّ فِي مَعْنَى مَنْ يَتَصَرَّفُ عَلَى الْيَتِيمِ بِإِذْنِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ