الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ وَيُعْطِيَهُمْ، وَاَلَّذِي لَا يَرِثُ هُوَ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَيَقُولُ هَذَا الْمَالُ لِقَوْمٍ غُيَّبٍ أَوْ لِأَيْتَامٍ صِغَارٍ وَلَكُمْ فِيهِ حَقٌّ وَلَسْنَا نَمْلِكُ أَنْ نُعْطِيَ مِنْهُ شَيْئًا، فَهَذَا الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ ؛ قَالَ : هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةِ ".
فَحَمَلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَوْلَهُ : فَارْزُقُوهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ يُعْطُونَ أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ لِلْآخَرِينَ، فَكَانَتْ فَائِدَةُ الْآيَةِ عِنْدَهُ إنْ حَضَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَفِيهِمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ أَنَّهُ يُعْطَى الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَيُمْسَكُ نَصِيبُ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ ؛ فَإِنْ صَحَّ هَذَا التَّأْوِيلُ فَهُوَ حُجَّةٌ لَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ فِي الْوَدِيعَةِ " إذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَغَابَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ وَيُمْسِكَ الْمُودَعُ نَصِيبَ الْغَائِبِ " وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُف وَمُحَمَّدٍ ؛ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ :" لَا يُعْطَى أَحَدُ الْمُودِعَيْنِ شَيْئًا إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ ".
وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ :﴿ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ قَالَ :" يَقُولُ عِدَّةٌ جَمِيلَةٌ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، يَقُولُ أَوْلِيَاءُ الْوَرَثَةِ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ مِنْ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ : إنَّ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةَ صِغَارٌ فَإِذَا بَلَغُوا أَمَرْنَاهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا حَقَّكُمْ وَيَتَّبِعُوا فِيهِ وَصِيَّةَ رَبِّهِمْ ".
فَحَصَلَ اخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو مَالِكٍ وَأَبُو صَالِحِ : إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِالْمِيرَاثِ.
وَالثَّانِي : رِوَايَةُ عِكْرِمَة عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيم وَمُجَاهِدٍ : أَنَّهَا ثَابِتَةُ الْحُكْمِ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَهِيَ فِي الْمِيرَاثِ.
وَالثَّالِثُ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهَا فِي وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ لِهَؤُلَاءِ