كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ دَمِي دَمُك وَهَدْمِي هَدْمُك وَتَرِثُنِي وَأَرِثُك وَتُطْلَبُ بِي وَأُطْلَبُ بِك " قَالَ :" فَوَرَّثُوا السُّدُسَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ أَهْلُ الْمِيرَاثِ مِيرَاثَهُمْ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ :" كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُ لَهُ الرَّجُلُ فَيَكُونُ تَابِعًا لَهُ، فَإِذَا مَاتَ صَارَ الْمِيرَاثُ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ وَبَقِيَ تَابِعُهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ فَكَانَ يُعْطَى مِنْ مِيرَاثِهِ ".
وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ : وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْإِسْلَامِ كَانَ يَرْغَبُ فِي خِلَّةِ الرَّجُلِ فَيُعَاقِدُهُ فَيَقُولُ : تَرِثُنِي وَأَرِثُك، وَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ كَانَ لِلْحَيِّ مَا اشْتَرَطَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ وَلَمْ يُذْكَرْ أَهْلُ الْعَقْدِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَزَلَتْ قِسْمَةُ الْمِيرَاثِ وَلَمْ يُذْكَرْ أَهْلُ الْعَقْدِ وَقَدْ كُنْت عَاقَدْتُ رَجُلًا فَمَاتَ ؟ فَنَزَلَتْ :﴿ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾.
فَأَخْبَرَ هَؤُلَاءِ السَّلَفُ أَنَّ مِيرَاثَ الْحَلِيفِ قَدْ كَانَ حُكْمُهُ ثَابِتًا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ طَرِيقِ السَّمْعِ لَا مِنْ جِهَةِ إقْرَارِهِمْ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ثَابِتًا