قِيلَ لَهُ : أَثْبَتْنَا بِهِ شِبْهَ الْعَمْدِ لِاسْتِعْمَالِ الصَّحَابَةِ إيَّاهُ فِي إثْبَاتِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا لَكَانَ مَشْهُورًا، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ كَمَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إثْبَاتِ شِبْهِ الْعَمْدِ ؛ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَمِلَ خَبَرٌ عَلَى مَعَانِي فَيَثْبُتُ بَعْضُهَا وَلَا يَثْبُتُ بَعْضٌ إمَّا لِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْأَصْلِ أَوْ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَمَّا التَّغْلِيظُ فِي الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَصْلُ الدِّيَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا مِنْ الْإِبِلِ وَأَنَّ الْوَرِقَ وَالذَّهَبَ مَأْخُوذَانِ عَنْهَا عَلَى أَنَّهُمَا قِيمَةٌ لَهَا، أَوْ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ فِي الْأَصْلِ وَاجِبَةً فِي أَحَدِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْإِبِلِ، لَا عَلَى أَنَّ بَعْضَهَا بَدَلٌ مِنْ بَعْضٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ هِيَ الدِّيَةُ وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ بَدَلًا مِنْهَا ؛ فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنْ إيجَابِ فَضْلِ مَا بَيْنَ دِيَةِ الْخَطَإِ إلَى الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ إنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْإِبِلِ عَلَى أَسْنَانِ التَّغْلِيظِ، وَكَذَلِكَ دِيَةُ الْخَطَإِ يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ فِيهَا قِيمَةُ الْإِبِلِ عَلَى أَسْنَانِ الْخَطَإِ وَأَنْ لَا تُعْتَبَرَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِي الدِّيَاتِ مِقْدَارًا مَحْدُودًا، فَلَا يُقَالُ إنَّ الدِّيَةَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَلَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَلَا مِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ، بَلْ يُنْظَرُ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ إلَى قِيمَةِ الْإِبِلِ فَإِنْ كَانَتْ سِتَّةَ آلَافٍ أَوْجَبَ ذَلِكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ.
فَلَمَّا قَالَ السَّلَفُ فِي الدِّيَةِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ إمَّا عَشَرَةُ آلَافٍ وَإِمَّا اثْنَا عَشَر أَلْفًا وَقَالُوا إنَّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَلْفُ دِينَارٍ، حَصَلَ الِاتِّفَاقُ مِنْ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ