فَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ أَنْ يُرَى بَعْضُ النُّجُومِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جُعِلَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ.
وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِرُؤْيَةِ النَّجْمِ لَوَجَبَ أَنْ تُصَلَّى قَبْلَ الْغُرُوبِ إذَا رُئِيَ النَّجْمُ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النُّجُومِ قَدْ يُرَى فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ فِعْلُهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مَعَ رُؤْيَةِ الشَّاهِدِ، فَسَقَطَ بِذَلِكَ اعْتِبَارُ طُلُوعِ الشَّاهِدِ.
وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ :" لِوَقْتِ الْمَغْرِبِ أَوَّلٌ وَآخِرٌ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ ".
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" لَيْسَ لِلْمَغْرِبِ إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ ".
ثُمَّ اخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ لَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا فِي آخِرِ وَقْتِهَا، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ :" آخِرُ وَقْتِهَا أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ ".
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الشَّفَقِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :" الشَّفَقُ الْبَيَاضُ ".
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ :" الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ ".
وَقَالَ مَالِكٌ :" وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ أَيْضًا فِي الشَّفَقِ مَا هُوَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ :" هُوَ الْبَيَاضُ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ :" الْحُمْرَةُ ".
فَمِمَّنْ قَالَ إنَّهُ الْحُمْرَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ شُعَيْبٍ الْمُؤَذِّنُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ الْقَاسِمِ الْعَصَّارُ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ الْبَزَّازُ قَالَا : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا هَيَّاجٍ عَمَّنْ ذُكِرَ عَنْ عَطَاءِ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :" الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ ".
قَالَ


الصفحة التالية
Icon