وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ إحْلَالَهُ هُوَ الْقِتَالُ فِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ﴾ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ نَسَخَهُ.
وَقَالَ عَطَاءٌ :" حُكْمُهُ ثَابِتٌ، وَالْقِتَالُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَحْظُورٌ ".
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ :﴿ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾ فَقَالَ قَتَادَةُ :" مَعْنَاهُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ".
وَقَالَ عِكْرِمَةُ :" هُوَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَمُحَرَّمٌ وَرَجَبٌ ".
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :﴿ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾ هَذِهِ الْأَشْهُرُ كُلُّهَا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَاحِدًا مِنْهَا.
وَبَقِيَّةُ الشُّهُورِ مَعْلُومٌ حُكْمُهَا مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ إذْ كَانَ جَمِيعُهَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَإِذَا بَيَّنَ حُكْمًا وَاحِدًا مِنْهَا فَقَدْ دَلَّ عَلَى حُكْمِ الْجَمِيعِ.