قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾.
قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ فِي آخَرِينَ :" هُوَ تَعْلِيمٌ، إنْ شَاءَ صَادَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصِدْ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُوَ إطْلَاقٌ مِنْ حَظْرٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ لَمَّا حَظَرَ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ :﴿ وَذَرُوا الْبَيْعَ ﴾ عَقَّبَهُ بِالْإِطْلَاقِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ :﴿ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾، وقَوْله تَعَالَى ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ قَدْ تَضَمَّنَ إحْرَامًا مُتَقَدِّمًا ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾ قَدْ اقْتَضَى كَوْنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُحْرِمًا، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ وَتَقْلِيدَهُ يُوجِبُ الْإِحْرَامَ.
وَيَدُلُّ قَوْلُهُ :﴿ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ دُخُولُ مَكَّةَ إلَّا بِالْإِحْرَامِ، ؛ إذْ كَانَ قَوْلُهُ :﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ قَدْ تَضَمَّنَ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَمَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَعَلَيْهِ إحْرَامٌ يَحِلُّ، مِنْهُ وَيَحِلُّ لَهُ الِاصْطِيَادُ بَعْدَهُ.
وَقَوْلُهُ :﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ قَدْ أَرَادَ بِهِ الْإِحْلَالَ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْخُرُوجَ مِنْ الْحَرَمِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَظَرَ الِاصْطِيَادَ فِي الْحَرَمِ بِقَوْلِهِ :﴿ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، ﴾ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِيهِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ أَرَادَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ جَمِيعًا.
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاصْطِيَادِ لِمَنْ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْحَلْقِ، وَأَنَّ بَقَاءَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ الِاصْطِيَادَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ وَهَذَا قَدْ حَلَّ ؛ إذْ كَانَ هَذَا الْحَلْقُ وَاقِعًا لِلْإِحْلَالِ.


الصفحة التالية
Icon