وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالنَّطِيحَةُ ﴾ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ أَنَّهَا الْمَنْطُوحَةُ حَتَّى تَمُوتَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ النَّاطِحَةُ حَتَّى تَمُوتَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُوَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَمُوتَ مِنْ نَطْحِهَا لِغَيْرِهَا وَبَيْنَ مَوْتِهَا مِنْ نَطْحِ غَيْرِهَا لَهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ﴾ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مَا أَكَلَ مِنْهُ السَّبُعُ حَتَّى يَمُوتَ، فَحَذَفَ ؛ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مَا قَتَلَهُ السَّبُعُ وَأَكَلَ مِنْهُ أَكِيلَةُ السَّبُعِ، وَيُسَمُّونَ الْبَاقِيَ مِنْهُ أَيْضًا أَكِيلَةُ السَّبُعِ ؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ :﴿ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ﴾ مِمَّا أَكَلَ السَّبُعُ فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فَرِيسَتُهُ.
وَجَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْآيَةِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الْمَوْتُ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَحَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَحْدُثُ عَنْهَا الْمَوْتُ لِلْأَنْعَامِ مَحْظُورٌ أَكْلُهَا بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ فِعْلِ آدَمِيٍّ عَلَى وَجْهِ التَّذْكِيَةِ.