يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْدِ فِي ذَكَاتِهِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ :﴿ نَدَّ عَلَيْنَا بَعِيرٌ فَرَمَيْنَاهُ بِالنَّبْلِ، ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَإِذَا نَدَّ مِنْهَا شَيْءٌ فَاصْنَعُوا بِهِ ذَلِكَ وَكُلُوهُ ﴾ ؛ وَقَالَ سُفْيَانُ : وَزَادَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ : فَرَمَيْنَاهُ بِالنَّبْلِ حَتَّى رَهَصْنَاهُ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ أَكْلِهِ إذَا قَتَلَهُ النَّبْلُ لِإِبَاحَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ ذَكَاةِ غَيْرِهِ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ :﴿ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إلَّا فِي اللَّبَّةِ وَالنَّحْرِ ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ طُعِنَتْ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ عَنْك ﴾ وَهَذَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى ذَبْحِهَا ؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَى ذَبْحِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ ذَكَاتَهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ رَمْيَ الصَّيْدِ يَكُونُ ذَكَاةً لَهُ إذَا قَتَلَهُ، ثُمَّ لَا يَخْلُو الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِكَوْنِ ذَلِكَ ذَكَاةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجِنْسُ الصَّيْدَ ؛ أَوْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى ذَبْحِهِ، فَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ إذَا صَارَ فِي يَدِهِ حَيًّا لَمْ تَكُنْ ذَكَاتُهُ إلَّا بِالذَّبْحِ كَذَكَاةِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّيْدِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِجِنْسِهِ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى ذَبْحِهِ فِي حَالِ امْتِنَاعِهِ، فَوَجَبَ مِثْلُهُ فِي