وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا قَتَلْته الْجَوَارِحُ غَيْرَ الْكَلْبِ، فَرَوَى مَرْوَانُ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ :" الصَّقْرُ وَالْبَازِي مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ".
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ لَيْثٍ قَالَ : سُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ الْبَازِي وَالْفَهْدِ وَمَا يُصَادُ بِهِ مِنْ السِّبَاعِ، فَقَالَ :" هَذِهِ كُلُّهَا جَوَارِحُ ".
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ﴾ قَالَ :" الطَّيْرُ وَالْكِلَابُ ".
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ :﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ﴾ قَالَ :" الْجَوَارِحُ الْكِلَابُ وَمَا تُعَلَّمُ مِنْ الْبُزَاةِ وَالْفُهُودِ ".
وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ :﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ﴾ قَالَ :" الصَّقْرُ وَالْبَازِي وَالْفَهْدُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ ".
وَرَوَى صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ : وَجَدْت فِي كِتَابٍ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ :" لَا يَصْلُحُ أَكْلُ مَا قَتَلْته الْبُزَاةُ ".
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ :" فَأَمَّا مَا صَادَ مِنْ الطَّيْرِ الْبُزَاةُ وَغَيْرُهَا فَمَا أَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكَّيْته فَهُوَ لَك وَإِلَّا فَلَا تُطْعَمْهُ ".
وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَلِيًّا كَرِهَ مَا قَتَلَتْ الصُّقُورُ.
وَرَوَى أَبُو بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ صَيْدَ الطَّيْرِ وَيَقُولُ :﴿ مُكَلِّبِينَ ﴾ إنَّمَا هِيَ الْكِلَابُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ :﴿ مُكَلِّبِينَ ﴾ عَلَى الْكِلَابِ خَاصَّةً، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْكِلَابِ وَغَيْرِهَا ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ ﴾ شَامِلٌ لِلطَّيْرِ وَالْكِلَابِ، ثُمَّ قَوْلُهُ :﴿ مُكَلِّبِينَ ﴾ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يُرِيدَ بِهِ الْكِلَابَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْجَوَارِحِ وَالْكِلَابِ مِنْهَا، وَيَكُونَ قَوْلُهُ :﴿ مُكَلِّبِينَ ﴾ بِمَعْنَى مُؤَدِّبِينَ أَوْ مُضِرِّينَ، وَلَا يُخَصَّصُ ذَلِكَ