وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّيْدِ يَغِيبُ عَنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ :" إذَا تَوَارَى عَنْهُ الصَّيْدُ وَالْكَلْبُ وَهُوَ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ قَدْ قَتَلَهُ جَازَ أَكْلُهُ، وَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَاشْتَغَلَ بِعَمَلٍ غَيْرِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ مَقْتُولًا وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ كَرِهْنَا أَكْلَهُ " وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي السَّهْمِ إذَا رَمَاهُ بِهِ فَغَابَ عَنْهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ :" إذَا أَدْرَكَهُ مِنْ يَوْمِهِ أَكَلَهُ فِي الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا إذَا كَانَ فِيهِ أَثَرُ جِرَاحَةٍ، وَإِنْ بَاتَ عَنْهُ لَمْ يَأْكُلْهُ ".
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ :" إذَا رَمَاهُ فَغَابَ عَنْهُ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً كَرِهْت أَكْلَهُ ".
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" إنْ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ مَيِّتًا وَوَجَدَ فِيهِ سَهْمُهُ أَوْ أَثَرًا فَلْيَأْكُلْهُ ".
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ إذَا غَابَ عَنْهُ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :" كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْت " وَفِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ :" وَمَا غَابَ عَنْك لَيْلَةً فَلَا تَأْكُلْهُ ".
وَالْإِصْمَاءُ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَالْإِنْمَاءُ مَا غَابَ عَنْهُ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي رَزِينٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّيْدِ :﴿ إذَا غَابَ عَنْك مَصْرَعُهُ كَرِهَهُ ﴾ وَذَكَرَ هَوَامَّ الْأَرْضِ.
وَأَبُو رَزِينٍ هَذَا لَيْسَ بِأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو رَزِينٍ مَوْلَى أَبِي وَائِلٍ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَرَاخَى عَنْ طَلَبِهِ لَمْ يَأْكُلْهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُدْرِكَ ذَكَاتَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، فَإِذَا لَمْ يَتْرُكُ الطَّلَبَ وَأَدْرَكَهُ مَيِّتًا فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ فَكَانَ قَتْلُ الْكَلْبِ أَوْ السَّهْمِ لَهُ ذَكَاةً لَهُ، وَإِذَا تَرَاخَى عَنْ الطَّلَبِ