وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾.
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ : أَنَّهُ ذَبَائِحُهُمْ.
وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ ذَبَائِحَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَلَوْ اسْتَعْمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى عُمُومِهِ لَانْتَظَمَ جَمِيعُ طَعَامِهِمْ مِنْ الذَّبَائِحِ وَغَيْرِهَا.
وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الذَّبَائِحَ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّ سَائِرَ طَعَامِهِمْ مِنْ الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ وَسَائِرُ الْأَدْهَانِ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِمَنْ يَتَوَلَّاهُ، وَلَا شُبْهَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِصُنْعِهِ وَاِتِّخَاذِهِ مَجُوسِيًّا أَوْ كِتَابِيًّا، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمَا كَانَ مِنْهُ غَيْرُ مُذَكَّى لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ فِي إيجَابِ حَظْرِهِ بِمَنْ تَوَلَّى إمَاتَتُهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ ؛ فَلَمَّا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْإِبَاحَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الذَّبَائِحِ الَّتِي يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاخْتِلَافِ الْأَدْيَانِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الْمَشْوِيَّةِ الَّتِي أَهْدَتْهَا إلَيْهِ الْيَهُودِيَّةُ وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ ذَبِيحَتِهَا أَهِي مِنْ ذَبِيحَةِ الْمُسْلِمِ أَمْ الْيَهُودِيِّ.