إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أُخْبِرَ بِإِسْلَامِ هَذَا الرَّجُلِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى أُسَامَةَ دِيَةً وَلَا قَوَدًا.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ ﴾ إنَّمَا كَانَ حُكْمًا لِمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ﴾ فَإِنَّهُ دَعْوَى لِنَسْخِ حُكْمٍ ثَابِتٍ فِي الْقُرْآنِ بِلَا دَلَالَةٍ، وَلَيْسَ فِي نَسْخِ التَّوَارُثِ بِالْهِجْرَةِ وَإِثْبَاتِهِ بِالرَّحِمِ مَا يُوجِبُ نَسْخَ هَذَا الْحُكْمِ، بَلْ هُوَ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِنَفْسِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ.
وَعَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ مَا كَانَ التَّوَارُثُ بِالْهِجْرَةِ قَدْ كَانَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِنْ الْقَرَابَاتِ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ قَاطِعَةً لِلْمِيرَاثِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَدْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِأَسْبَابٍ أُخَرَ، فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ دِيَةً وَاجِبَةً لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِنْ أَقْرِبَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِيرَاثُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مُهْمَلًا لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ، فَلَمَّا لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ دِيَةً قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَلَا لِغَيْرِهِمْ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ مُبْقًى عَلَى حُكْمِ الْحَرْبِ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ ؛ وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ ﴾ يُفِيدُ أَنَّهُ مَا لَمْ يُهَاجِرْ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَوَّلِ فِي أَنْ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ وَإِنْ كَانَ دَمُهُ مَحْظُورًا ؛ إذْ كَانَتْ النِّسْبَةُ إلَيْهِمْ قَدْ تَصِحُّ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ بَلَدِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ رَحِمٌ بَعْدَ أَنْ يَجْمَعَهُمْ فِي الْوَطَنِ بَلَدٌ أَوْ قَرْيَةٌ أَوْ صُقْعٌ، فَنَسَبَهُ اللَّهُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ؛ إذْ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِيَارِهِمْ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ


الصفحة التالية
Icon