ذِكْرُ أَقْسَامِ الْقَتْلِ وَأَحْكَامِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْقَتْلُ يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ : وَاجِبٌ، وَمُبَاحٌ، وَمَحْظُورٌ، وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مَحْظُورٍ وَلَا مُبَاحٍ.
فَأَمَّا الْوَاجِبُ فَهُوَ قَتْلُ أَهْلِ الْحَرْبِ الْمُحَارِبِينَ لَنَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا فِي أَيْدِينَا بِالْأَسْرِ أَوْ بِالْأَمَانِ أَوْ الْعَهْدِ، وَذَلِكَ فِي الرِّجَالِ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يُقَاتِلْنَ وَدُونَ الصِّغَارِ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ، وَقَتْلُ الْمُحَارِبِينَ إذَا خَرَجُوا مُمْتَنِعِينَ وَقُتِلُوا وَصَارُوا فِي يَدِ الْإِمَامِ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَقَتْلُ أَهْلِ الْبَغْيِ إذَا قَاتَلُونَا، وَقَتْلُ مَنْ قَصَدَ إنْسَانًا مَحْظُورَ الدَّمِ بِالْقَتْلِ فَعَلَيْنَا قَتْلُهُ، وَقَتْلُ السَّاحِرِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ رَجْمًا، وَكُلُّ قَتْلٍ وَجَبَ عَلَى وَجْهِ الْحَدِّ ؛ فَهَذِهِ ضُرُوبُ الْقَتْلِ الْوَاجِبِ.
وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَهُوَ الْقَتْلُ الْوَاجِبُ لِوَلِيِّ الدَّمِ عَلَى وَجْهِ الْقَوَدِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ، فَالْقَتْلُ هَهُنَا مُبَاحٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ؛ وَكَذَلِكَ قَتْلُ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا صَارُوا فِي أَيْدِينَا، فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِبْقَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَأَمْكَنَهُ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ وَبَيْنَ أَنْ يَأْسِرَ.
وَأَمَّا الْمَحْظُورُ فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى أَنْحَاءٍ : مِنْهَا مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَهُوَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ عَمْدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الْعَارِي مِنْ الشُّبْهَةِ، فَعَلَى الْقَاتِلِ الْقَوَدُ فِي ذَلِكَ ؛ وَمِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ دُونَ الْقَوَدِ، وَهُوَ قَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَقَتْلُ الْأَبِ ابْنَهُ وَقَتْلُ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُعَاهَدِ وَمَا يَدْخُلُهُ الشُّبْهَةُ فَيَسْقُطُ الْقَوَدُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ ؛ وَمِنْهَا مَا لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ وَقَتْلُ الْأَسِيرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَتْلُ الْمَوْلَى