وَسُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :﴿ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ﴾.
قَالَ الْأَعْمَشُ : قَالَ إبْرَاهِيمُ : كَانُوا مُعْجَبِينَ بِحَدِيثِ جَرِيرِ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ.
وَلَمَّا كَانَ وُرُودُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِ نَاقِلِيهَا وَامْتِنَاعِ التَّوَاطُؤِ وَالسَّهْوِ الْغَفْلَةِ عَلَيْهِمْ فِيهَا، وَجَبَ اسْتِعْمَالُهَا مَعَ حُكْمِ الْآيَةِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ فِي الْآيَةِ احْتِمَالًا لِلْمَسْحِ، فَاسْتَعْمَلْنَاهُ فِي حَالِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَاسْتَعْمَلْنَا الْغَسْلَ فِي حَالِ ظُهُورِ الرِّجْلَيْنِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَسْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَهَا، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَسَحَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فَالْآيَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَيْهِ غَيْرُ نَاسِخَةٍ لَهُ لِاحْتِمَالِهَا مَا يُوجِبُ مُوَافَقَتَهُ مِنْ الْمَسْحِ فِي حَالِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا احْتِمَالٌ لِمُوَافَقَةِ الْخَبَرِ لَجَازَ أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِهِ فَيَكُونَ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ خَاصًّا فِي حَالِ ظُهُورِ الرِّجْلَيْنِ دُونَ حَالِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ مُتَقَدِّمَةً لِلْمَسْحِ فَإِنَّمَا جَازَ الْمَسْحُ لِمُوَافَقَةِ مَا احْتَمَلَتْهُ الْآيَةُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَسْخًا وَلَكِنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا نَسْخُ الْآيَةِ بِمِثْلِهِ لِتَوَاتُرِهِ وَشُيُوعِهِ.
وَمِنْ حَيْثُ ثَبَتَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَبَتَ التَّوْقِيتُ فِيهِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ؛ لِأَنَّ بِمِثْلِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَسْحِ مُطْلَقًا ثَبَتَ التَّوْقِيتُ أَيْضًا، فَإِنْ بَطَلَ التَّوْقِيتُ بَطَلَ الْمَسْحُ وَإِنْ ثَبَتَ الْمَسْحُ ثَبَتَ التَّوْقِيتُ.
فَإِنْ احْتَجَّ الْمُخَالِفُ فِي ذَلِكَ


الصفحة التالية
Icon