فِيمَا بَيْنَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُدَاوِمُونَ عَلَى مَسْحِ الثَّلَاثِ حَسْبَمَا قَدْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا يَكَادُونَ يَتْرُكُونَ خِفَافَهُمْ لَا يَنْزِعُونَهَا ثَلَاثًا ؛ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَمْسَحُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ.
فَإِنْ قِيلَ : فِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ﴾ وَلَوْ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا.
وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ عُمَارَةَ أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ؟ قَالَ :( نَعَمْ ) قَالَ : يَوْمًا ؟ قَالَ :( وَيَوْمَيْنِ ) قَالَ : وَثَلَاثَةً ؟ قَالَ :( نَعَمْ، وَمَا شِئْت ).
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ : حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا.
قِيلَ لَهُ : أَمَّا حَدِيثُ خُزَيْمَةَ وَمَا قِيلَ فِيهِ ( وَلَوْ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا ) فَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ مِنْ الرَّاوِي، وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ عُمَارَةَ، فَقَدْ قِيلَ : إنَّهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ قَوْلُهُ :( وَمَا شِئْت ) عَلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ بِالثَّلَاثِ مَا شَاءَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَى أَخْبَارِ التَّوْقِيتِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الشَّاذَّةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلْمَعَانِي مَعَ اسْتِفَاضَةِ الرِّوَايَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْقِيتِ.


الصفحة التالية
Icon