الْيَقِينِ، وَإِنَّمَا الَّذِي عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ لَا جَمِيعُهَا، كَذَلِكَ هَهُنَا، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْمَفْرُوضَ هُمَا جَمِيعًا فِي مَسْأَلَتِنَا.
وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ التَّيَمُّمُ بَدَلًا مِنْ الْمَاءِ كَالصَّوْمِ بَدَلًا مِنْ الرَّقَبَةِ وَلَمْ يَجُزْ اجْتِمَاعُ بَعْضِ الرَّقَبَةِ وَالصَّوْمِ، وَجَبَ مِثْلُهُ فِي التَّيَمُّمِ وَالْمَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ : الصَّغِيرَةُ قَدْ تَجِبُ عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَجَبَ الْحَيْضُ، وَكَذَلِكَ ذَاتُ الْحَيْضِ لَوْ اعْتَدَّتْ بِحَيْضَةٍ ثُمَّ يَئِسَتْ وَجَبَتْ الشُّهُورُ مَعَ الْحَيْضَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
قِيلَ لَهُ : إذَا طَرَأَ عَلَيْهَا مَا ذَكَرْت قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ خَرَجَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِدَّةً مُعْتَدًّا بِهِ، وَأَنْتَ لَا تُخْرِجُ مَا غُسِلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ طَهَارَةً، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ وَدَلِيلٌ آخَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ ﴾، وَالدَّلَالَةُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ :﴿ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ ﴾ فَأُدْخِلَ عَلَيْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَذَلِكَ لِأَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا أَنْ تَكُونَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ أَوْ الْمَعْهُودِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ اسْتِغْرَاقَ الْجِنْسِ صَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ : التُّرَابُ طَهُورٌ مَا لَمْ يَجِدْ مِيَاهَ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ الْمَعْهُودَ فَهُوَ قَوْلُنَا أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا مَاءٌ مَعْهُودٌ يَجُوزُ أَنْ يَنْصَرِفَ الْكَلَامُ إلَيْهِ غَيْرُ الْمَاءِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ كَمَالُ الطَّهَارَةِ، وَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَجَازَ تَيَمُّمُهُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ.