؛ وَأَمَّا الرَّمَادُ فَهُوَ مِنْ الْخَشَبِ وَنَحْوِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ طَبْعِ الْأَرْضِ وَلَا مِنْ جَوْهَرِهَا.
وَأَمَّا الثَّلْجُ وَالْحَشِيشُ فَهُمَا كَالدَّقِيقِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا، فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّعِيدِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْأَبْدَالِ إلَى غَيْرِهَا إلَّا بِتَوْقِيفٍ، فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الصَّعِيدَ بَدَلًا مِنْ الْمَاءِ لَمْ يَجُزْ لَنَا إثْبَاتُ بَدَلٍ مِنْهُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَضْرِبَ يَدَهُ عَلَى ثَوْبٍ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَيَتَيَمَّمُ بِهِ، وَلَجَازَ التَّيَمُّمُ بِالْقُطْنِ وَالْحُبُوبِ ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا قَالَ : وَتُرَابُهَا لَنَا طَهُورٌ ﴾ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِهِ بِالثَّلْجِ وَالْحَشِيشِ إذَا وَصَلَ إلَى الْأَرْضِ، فَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ لَجَازَ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ بَدَلٌ فَلَا يُنْتَقَلُ إلَى بَدَلٍ غَيْرِهِ.
فَإِنْ قِيلَ : إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْأَرْضِ فَهُوَ كَالزَّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ وَالْمَغْرَةِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ.
قِيلَ لَهُ : الزَّرْنِيخُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَرْضِ، وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ وَعَدَمِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ حَائِلًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا الْأَرْضُ فِي الْأَغْلَبِ حَائِلَةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَكَيْفَ يُشْبِهُهُ الثَّلْجُ وَالْحَشِيشُ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِغُبَارِ ثَوْبٍ أَوْ لِبْدٍ وَقَدْ نَفَضَهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنَّمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْغُبَارَ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ فِي كَوْنِهِ فِي الثِّيَابِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ، كَمَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ فِي كَوْنِهِ فِي إنَاءٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ مَا عُصِرَ مِنْ ثَوْبٍ مَبْلُولٍ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى أَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى تُرَابًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ