قَوْله تَعَالَى :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا ﴾.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ :" كَانَا ابْنَيْ آدَمَ لِصُلْبِهِ هَابِيلَ وَقَابِيلَ، وَكَانَ هَابِيلُ مُؤْمِنًا وَقَابِيلُ كَافِرًا " وَقِيلَ بَلْ كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ : هُمَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ ؛ لِأَنَّ عَلَامَةَ تَقَبُّلِ الْقُرْبَانِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ ".
وَالْقُرْبَانُ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْقُرْبُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ؛ وَهُوَ " فُعْلَانَ " مِنْ الْقُرْبِ كَالْفُرْقَانِ مِنْ الْفَرْقِ، وَالْعُدْوَانِ مِنْ الْعَدْوِ، وَالْكُفْرَانِ مِنْ الْكُفْرِ وَقِيلَ : إنَّمَا لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ قَرَّبَ شَرَّ مَالِهِ وَقَرَّبَ الْآخَرُ خَيْرَ مَالِهِ فَتُقُبِّلَ مِنْهُ.
وَقِيلَ : بَلْ رُدَّ قُرْبَانُهُ لِأَنَّهُ كَانَ فَاجِرًا، وَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ.
وَقِيلَ : كَانَتْ عَلَامَةُ الْقَبُولِ أَنْ تَجِيءَ نَارٌ فَتَأْكُلَ الْمُتَقَبَّلَ وَلَا تَأْكُلُ الْمَرْدُودَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ﴾ إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ وَبِاَلَّذِي قُلْتُمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon