بِتِلْكَ، فَيَصِيرُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقْضُونَ رَكْعَةً رَكْعَةً ؛ فَيَكُونُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَنَّهُ قَصْرٌ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِقَوْلِهِ : إنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ قَدْ تَوَاتَرَتْ فِي فِعْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ مَعَ اخْتِلَافِهَا، وَكُلُّهَا مُوجِبَةٌ لِلرَّكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ صَلَّاهَا رَكْعَةً، إلَّا أَنَّهَا لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَالْقَضَاءُ لِرَكْعَةٍ دُونَ الِاقْتِصَارِ عَلَى وَاحِدَةٍ.
وَلَوْ كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةً وَاحِدَةً لَمَا اخْتَلَفَ حُكْمُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحُكْمُ الْمَأْمُومِينَ فِيهَا، فَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، عَلِمْنَا أَنَّ فَرْضَ صَلَاةِ الْخَائِفِ كَفَرْضِ غَيْرِهِ وَأَنَّ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لِلْقَوْمِ رَكْعَةً رَكْعَةً عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا كَانَتْ رَكْعَةً رَكْعَةً مَعَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً عَلَى مَا رُوِيَ فِي سَائِرِ الْأَخْبَارِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ هُوَ الْقَصْرُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَوْ الْمَشْيِ وَالِاخْتِلَافُ فِيهَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ دُونَ أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا وَأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْقَصْرِ مَا وُصِفَ دُونَ نُقْصَانِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، مَا رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : إنِّي وَصَاحِبٌ لِي خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَكُنْت أُتِمُّ وَكَانَ صَاحِبِي يَقْصُرُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَنْتَ الَّذِي تَقْصُرُ وَصَاحِبُك الَّذِي كَانَ يُتِمُّ.
فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى سُفْيَانُ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ قَالَ :{ صَلَاةُ السَّفَرِ


الصفحة التالية
Icon