الرَّكْعَتَيْنِ فِي مَقَامَيْنِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الثَّانِيَةِ أَنْ تَقْضِيَهُمَا فِي مَقَامَيْنِ لَا فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ سَبِيلَ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ تَكُونَ مَقْسُومَةً بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى التَّعْدِيلِ بَيْنَهُمَا فِيهَا.
وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مُرْسَلًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى صَلَّتْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ إلَّا يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ ؛ وَقَدْ خُولِفَ فِيهِ فَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْن أَبِي حَثْمَةَ :﴿ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفَّ مَصَافَّ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ وَجَاءَ أُولَئِكَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامُوا فَقَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً ﴾.
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى لَمْ تَقْضِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ ؛ وَهَذَا أَوْلَى لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ دَلَائِلِ الْأُصُولِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحٍ مِثْلَ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ.
وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ إنَّمَا كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ ؛ وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ :﴿ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ؛ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا وَكُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ﴾ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ


الصفحة التالية
Icon