إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى ؛ وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي تَقِفُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ بَدِيًّا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا إنَّمَا تَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ مَجِيئِهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَلِذَلِكَ أُمِرَتْ بِأَخْذِ الْحَذَرِ وَالسِّلَاحِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ فِي الصَّلَاةِ فَيَشْتَدُّ طَمَعُ الْعَدُوِّ فِيهَا لِعِلْمِهِمْ بِاشْتِغَالِهَا بِالصَّلَاةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ بِعُسْفَانَ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ :" دَعُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ بَعْدَهَا صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، فَإِذَا صَلُّوهَا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ " فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوْفَ ؛ وَلِذَلِكَ أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِأَخْذِ الْحَذَرِ وَالسِّلَاحِ جَمِيعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا جَازَ أَخْذُ السِّلَاحِ فِي الصَّلَاةِ وَذَلِكَ عَمَلٌ فِيهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِيهَا.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْإِيقَاعِ بِالْمُسْلِمِينَ إذَا اشْتَغَلُوا بِالصَّلَاةِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِأَخْذِ الْحَذَرِ مِنْهُمْ.


الصفحة التالية
Icon