تَحْلِفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَنْ تَفْعَلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْعَلَهَا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ " ؛ وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَتْرُكْهَا فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا ﴾.
وَقَدْ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَالَ أَصْحَابُنَا : اللَّغْوُ هُوَ قَوْلُهُ :" لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ " فِيمَا يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ عَلَى الْمَاضِي.
وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ نَحْوَ ذَلِكَ ؛ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" اللَّغْوُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ".
وَقَالَ الرَّبِيعُ عَنْهُ :" مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ ﴾ أَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ غَيْرُ مَعْقُودٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ هُوَ اللَّغْوُ لَمَا عَطَفَهُ عَلَيْهِ وَلَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ فِي نَفْيِهِ الْمُؤَاخَذَةَ بِلَغْوِ الْيَمِينِ وَإِثْبَاتَ الْكَفَّارَةِ فِي الْمَعْقُودَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ اللَّغْوَ لَمَّا كَانَ هُوَ الَّذِي لَا حُكْمَ لَهُ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ ؛ لِأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ قَائِمَةٌ فِي الْمَعْقُودَةِ وَحُكْمُهَا ثَابِتٌ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّغْوَ هُوَ الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ وَإِنَّ فِيهَا الْكَفَّارَةَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأَنَّهَا الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي فِيمَا يَظُنُّ الْحَالِفُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ.


الصفحة التالية
Icon