الْمُرَاحُ وَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ }.
وَقَالَ :﴿ لَيْسَ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ حَتَّى يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ ﴾ وَدَلَالَةُ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى وُجُوبِ اعْتِبَارِ الْحِرْزِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَةِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكْتَفِيًا بِنَفْسِهِ فِي وُجُوبِ اعْتِبَارِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي أَنَّ الْحِرْزَ شَرْطٌ فِي الْقَطْعِ وَأَصْلُهُ فِي السُّنَّةِ مَا وَصَفْنَا وَالْحِرْزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَا بُنِيَ لِلسُّكْنَى وَحِفْظِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَكَذَلِكَ الْفَسَاطِيطُ وَالْمَضَارِبُ وَالْخِيَمُ الَّتِي يَسْكُنُ النَّاسُ فِيهَا وَيَحْفَظُونَ أَمْتِعَتَهُمْ بِهَا كُلُّ ذَلِكَ حِرْزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَافِظٌ وَلَا عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ أَوْ لَا بَابَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ مَحْجَرٌ بِالْبِنَاءِ وَمَا كَانَ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ وَلَا خَيْمَةٍ وَلَا فُسْطَاطٍ وَلَا مَضْرِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حِرْزًا إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ بِحَيْثُ يَكُونُ حَافِظًا لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَافِظُ نَائِمًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ مُسْتَيْقِظًا وَالْأَصْلُ فِي كَوْنِ الْحَافِظِ حِرْزًا لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ صَحْرَاءَ حَدِيثُ ﴿ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ كَانَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ وَرِدَاؤُهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَسَرَقَهُ سَارِقٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهِ ﴾ ؛ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ بِحِرْزٍ، فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُحْرَزًا لِكَوْنِ صَفْوَانَ عِنْدَهُ.
وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا :" لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ لَهُ نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا " لِأَنَّ صَفْوَانَ كَانَ نَائِمًا، وَلَيْسَ الْمَسْجِدُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْحَمَّامِ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ لَمْ يُقْطَعْ، وَكَذَلِكَ الْخَانُ وَالْحَوَانِيتُ الْمَأْذُونُ فِي دُخُولِهَا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حَافِظٌ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ


الصفحة التالية
Icon